الأحد، مايو 18

ديون العراق .. سلاسل وأعناق

علاء حداد
عندما يقع أي بلد تحت الاحتلال تقوم الدولة المحتلة على تشديد قبضتها العسكرية والسياسية الاقتصادية . والاقتصاد دائما ما يكون هو الغاية التي من اجلها احتل ذلك البلد وبالتالي تتحقق عناصر الاحتلال الثلاثة .
وعليه فان الاحتلال الامريكي للعراق بعد ان حسم الامر عسكريا خطط لعملية سياسية نشهد انعكاساتها الكارثية على الشعب العراقي من اول ساعاتها الى اليوم ومن ثم بدا يخطط للاستحواذ على الكعكة العراقية وطرح عدة اوراق سقطت واحدة تلو الاخرى حتى بات الحديث عن النهب من ثروات العراق معلن وبدون أي حياء
اخر هذه الاوراق حين قرر عدد من أعضاء الكونغرس الامريكي ومن الحزبين الرئيسيين الجمهوري والديمقراطي في الثاني من هذا الشهر إلى طرح مشروع قرار ملزم التنفيذ من قبل الحكومة العراقية ، والحكومة العراقية لا يحتاج لها قرار ملزم التنفيذ فهي المطيع لجميع القرارات الملزمة والغير ملزمة ليست هذه الحكومة فقط ولكن حتى الحكومات السابقة واللاحقة ما دام هناك سيد امريكي هناك عبد يطيع ، هذا اذا علمنا ان القرار يصدر بالاجماع من قبل اعضاء الكونكرس الامريكي الذي دائما ما تكون قراراته تصدر بالتوافق وخصوصا القرارات التي تتعلق بامور مالية تعود الى الحكومة الامريكية
والقرار يدعو إلى تحويل الأموال التي قدمتها الولايات المتحدة لتمويل مشاريع إعادة الإعمار في العراق إلى قروض .. نعم الى قروض واجبة السداد من قبل أي حكومة عراقية تتسلم مقاليد السلطة في العراق .
هذا الطرح يكشف وبدون أي لبس ان سواد عيون العراقيين الذين ادعت أميركا لتحريرهم ليس صك موقع على بياض وانما بثمن سيكلف الاجيال القادمة حاضرهم ومستقبلهم . وبما انهم باتو امام خيارين اما الهرب واعلان الهزيمة او الانتظار في مستنقع العراق وتلقي الضربات وهذين الخيارين لا تمنع من كشف الاوراق والاعلان عن النوايا الحقيقية التي احتلو بها العراق.
وقد قالها قبلهم وزير الدفاع الاسترالي بريندن نلسون الذي اكد على ان "احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة ينبع من رغبة في التحكم باحتياطيات النفط العراقي "
ان هذه الديون اذا ما اقرت فانها سوف تكبل العراق باغلال يتناقلها الشعب العراقي جيل بعد جيل ولن يستطع تسديد اي مبلغ منها بعد ان رهن اقتصاد البلد وموارده حتى التي لم تستخرج بعد بسياسة صندوق النقد الدولي الذي بداء باستقطاع ديون لمشاريع معلقة بالهواء لم يرى منها المواطن العراقي سوى احلام وردية روجت لها النخب الحاكمة اليوم لغرض الاستحواذ على ما خف وزنه وغلا ثمنه .
وان تجربة الشعب المصري الذي يدفع لهذا اليوم ديون الخديوي باشا بعد ان اغرقه البريطانيين بمشاريع وهمية لم يتم تحقيق أي شي منها وهو لحد الان يلهث وراء رغيف الخبز في حين لم يستطع ان يحصل على ماء صالح للشرب في بعض المناطق
ويطالب هؤلاء الاعضاء باجمالي ما قدمته الولايات المتحدة حتى مطلع العام الجاري وفق ما قاله المفتش العام الامريكي الخاص لإعادة الإعمار ستيوارت بوين يبلغ 47,5 مليار دولار في القطاعات المدنية فقط ، مقارنة بـ 18,5 مليار دولار كانت حكومة بوش خصصتها بموافقة الكونغرس عقب احتلال العراق.
ويدعو هؤلاء الحكومة الامريكية إلى مطالبة حكومة المالكي بضرورة تحويل جزء من عوائد النفط العراقي المتصاعدة لتمويل مشاريع إعادة الإعمار. مشيرين ا الى أن العراق سيحقق فائضا في عوائد النفط تقدر بنحو 60 مليار دولار بالوقت الذي وصل دخل العراق من مبيعات النفط في عام 2007 نحو مائة مليار دولارفي الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة نحو مرحلة من الركود الاقتصادي وعجز في الميزانية. والمواطن الامريكي يدفع ثمنا عاليا للبنزين ،
هذا الطرح هو بداية لاستحصال مبلغ الـ 600 مليار دولار هي قيمة ما خسره في العراق حتى الان على مشروعه الفاشل في العراق والذي لم يكن للشعب العراقي أي دور في في طلب المساعدة او تحديد نوع المشاريع التي يحتاجها فعلا .
ولا يساورنا الشك في القدرة الامريكية في التغير في الاهداف والمسارات وتحويلها حسب المصلحة الأمريكية فلا نستغرب اذا ما قرر بعض الامريكان يوما قرار يقول ان كل من لديه فاتورة يتقدم بها لغرض الصرف من قبل العراق وملزمة الدفع وبذلك تكون قوائم الفواتير تزن بالأطنان ولا نستغرب من ان نرى من يتقدم يوميا لنا من يحمل فاتورة لكلب كان قد تناول أكلة أتخمته وانتفخ بها واضطر الى تسفيره الى لوس اجلوس لغرض التنفيس عنه ويطالبنا ايظا بتسديد نفقاته .
قد يكون الإعلان عن الأهداف والنوايا الحقيقة للاحتلال وطرحها بشكل علني يخفف العناء من البحث في كشف النوايا الحقيقة للاحتلال ، ولكن القرارات التي تمررفي الغرف المغلقة وخلف الكواليس والتي لم يعلن عنها او التي توجد في ادراج مكاتب مسئولي البنتاغون والسي أي اي والدوائر الصهيونية والايرانية ماذا ستخبأ للأجيال القادمة والأيام كفيلة بان تأكد بان ما خفي كان أعظم .

ليست هناك تعليقات: