جلست دافني باراك مع عائلة المرشح الديموقراطي إلى البيت الأبيض باراك أوباما، في مسقط رأسه كيسومو، وهي قرية كينية قريبة من الحدود الأوغندية، حيث تعرفت عن كثب على أمور هذه العائلة، واستعادت معها ذكريات الماضي، خصوصا كل ما يتعلق بباراك.
«أهلاً بكِ في كيسومو»، بهذه الكلمات رحَّب بي سعيد أوباما، عم المرشح الرئاسي باراك، لكن الطقس الحار، مع حرارة بلغت الثلاثين درجة مئوية، والأبنية المحترقة في وسط المدينة بعد حوادث الشغب الأخيرة في كينيا لم تشعرني بدفء هذا الترحيب، كلّف رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينغا عم باراك أوباما وأحد أقربائه، نيكولاس راجولا، بمرافقتي في طريقي إلى قرية قرب الحدود الأوغندية ما زال يقيم فيها عدد من أفراد عائلة باراك.
كانت الطريق إلى منزل الجدة سارة وعرة جداً ومليئة بالحفر، حتى ان اللافتة التي كُتب عليها «طريق باراك أوباما» تدفعك إلى التفكير كم كان مذهلاً سطوع نجم هذا المرشح الرئاسي.
بدأت هذه القصة في اليوم السابق عندما قابلت رئيس الوزراء الجديد في مكتبه (الخميس 6 مارس)، وقد توطدت علاقتنا بسرعة، كنت أعلم أن بعض أفراد عائلة أوباما يعملون عنده، لذلك اقترحت أمام عدسة الكاميرا أن نذهب معاً لزيارتهم، وبما أن أودينغا رجل صريح ولا يحب المراوغة، سألني في الحال إن كان ذلك في مصلحة أوباما، وعندما طمأنته، أجابني «هيا بنا!».
التقينا لاحقاً في صالة الرياضة في الفندق الذي نزلت فيه، أوضح لي أودينغا أنه عاجز عن مرافقتي لأنهم يعدون له حفل استقبال رسمياً في وقت لاحق من ذلك الشهر بمناسبة تبوئه منصب رئاسة الوزراء، وسكان كيسومو هم داعمو أودينغا الرئيسيون، إنهم مصدر قوته، لذلك لا يمكنه زيارة تلك المدينة بشكل غير رسمي قبل ذلك اليوم المنتظر، عندئذٍ، اقترحت أن اذهب بمفردي، وبعد ساعة جلسنا معاً لاحتساء الشراب. أخبرني أودينغا أن هذه الرحلة محفوفة بالمخاطر، بسبب أعمال العنف الأخيرة، والوسائل المعقدة التي علي استخدامها لبلوغ تلك المنطقة، ولكن عندما رأى مدى تصميمي على زيارة كيسومو في الصباح التالي، أجرى عدداً من الاتصالات، وقبل أن أتمكن من فهم ما يدور من حولي، انضم إلينا أحد أقرباء أوباما، الذي صادف أنه كان في نيروبي في تلك الليلة، أخبر عم باراك أودينغا أنه سيلقانا في مطار كيسومو ومعه بضع مركبات آلية.
إلى القرية
فاستأجرت طائرة خاصة ودفعت قيمة الإيجار نقداً (وهذه قصة مثيرة أخرى...)، وفجأة شعرت أنا وطاقم التصوير الذي يرافقني بأننا ضائعون، فكتاب الشخصيات المهمة الذي طُلب مني أن أوقع فيه في المطار بدا فارغاً تقريباً. كان سعيد أوباما، عم باراك، يرتدي قميصاً قطنياً كتب عليه «صوت أميركا»، استقللنا السيارات وقمنا بجولة صغيرة في كيسومو لنرى الدمار الذي خلفته أعمال الشغب، فروعتني تلك الصورة الحزينة للخراب وأولئك الأشخاص الفقراء المعدمين الذين يحاولون بيع أي شيء ليؤمنوا قوتهم.
• دافني باراك: عائلتك أوباما، فما صلة القرابة التي تجمعك بباراك أوباما؟
- سعيد أوباما: أنا عمه، ونيكولاس الذي يجلس معنا هو أحد أقربائه، ومع أن صلة القرابة التي تجمعهما ليست وثيقة، لكننا ننحدر جميعنا من العشيرة نفسها.
• دافني باراك: إذاً، نحن الآن في كيسومو، أليس كذلك؟ كيف تجني قوْتَك؟
- سعيد أوباما: أعمل ميكانيكياً في شركة هنا في كيسومو. تصنّع هذه الشركة بعض المنتجات من قصب السكر.
• دافني باراك: هل تعيش في كيسومو أم في القرية التي سنزورها؟
- سعيد أوباما: أمضي وقتي بين كيسومو، حيث أعمالي، والقرية التي ولد فيها والد باراك التي نعتبرها موطننا.
• دافني باراك: تختلف عائلتك قليلاً عن بنية العائلات التي نََألفها، هل يمكنك أن توضح لنا هذه النقطة؟، فالعديد من الرجال متزوجون بأكثر من امرأة، بمن فيهم والد باراك.
- سعيد أوباما: نعم، ولهذا السبب لدى البعض منا إخوة غير أشقاء وأقرباء من جهة زوجة أبيهم الأخرى، والد باراك هو أخي الأكبر، أما نيكولاس فندعوه ابن العم، لأننا جميعاً ننتمي إلى العشيرة نفسها، وهذا مفرح من دون شك.
• دافني باراك: كم فرداً تضم عائلتك؟
- سعيد أوباما: لا أعرف العدد بالتحديد، ربما نحو 2000 شخص.
• دافني باراك: 2000 شخص من العائلة نفسها؟
- سعيد أوباما: ننحدر كلنا في الأصل من جد واحد يدعى أوجيلو. ومن أوجيلو جاء «كوجيلو»، اسم القرية اليوم.
• دافني باراك: إذاً، كان أوجيلو بمنزلة زعيم قبيلة؟
- سعيد أوباما: نعم، كان بمنزلة زعيم أو ملك...
• دافني باراك: أو صوت الحكمة؟
- سعيد أوباما: نعم، كان صوت الحكمة والسلطة العليا... هذا صحيح.
دافني باراك: في المناسبة، ما معنى الاسم «أوباما»؟
سعيد أوباما: لا أعلم ما معناه... لكن هذه العائلة هي الوحيدة التي تحمل هذا الاسم، فإذا بحثت في المنطقة، فلن تجدي أي عائلة تحمل الاسم «أوباما» غير عائلتنا، ولكن مع ترشحه الآن لسدة الرئاسة، اختلف الوضع.
دافني باراك: وما معنى باراك؟
سعيد أوباما: مبارك، مبارك من الله.
دافني باراك: إذاً ادعوني باراك... ولكنه مبارك، أليس كذلك؟
سعيد أوباما: نعم، إنه مبارك بالفعل، نظراً إلى أنه ينحدر من أصول متواضعة ولغة مختلفة، يتكلم الناس هنا أكثر من 40 لغة، صحيح أنه ينحدر من هذه الأصول، لكنه ترعرع في بلاد مختلفة، لذلك يجمع في شخصه حضارات عدة يمكنه التواصل معها بنجاح، أعتقد أنه مبارك لأنه ينحدر من هذه الأصول المتواضعة ويمكنه التواصل مع هذا العدد الكبير من الناس.
دافني باراك: هل تبدلت حياتكم منذ أن أعلن ترشحه للرئاسة؟
سعيد أوباما: نعم، تقاطر لزيارتنا عدد كبير من الصحافيين، يريدون أن يعدّوا تقارير عن أصله وعن جذوره في القرية، لقد تبدلت حياتنا جذرياً، لم نعد نتمتع بالخصوصية التي نعمنا بها في السابق. نتيجة لذلك، صارت حياتنا صاخبة جداً.
دافني باراك: حسناً، لننطلق في طريقنا ونقابل المرأتين: العمة مرسات والجدة الشهيرة سارة.
الجدة سارة
بعد ساعتين من المعاناة على طريق مليئة بالحفر والعوائق غير المتوقعة، ترحب بنا سارة، إنها امرأة عجوز ضخمة في السادسة والثمانين من عمرها ترتدي زياً تقليدياً برتقالي اللون، لم تبدُ على وجهها سوى تجاعيد قليلة وعلت محياها تعابير توحي بأنها امرأة متمردة.
رحبت سارة بي وبطاقم التصوير في منزلها المتواضع، لم نرَ في البيت أبواباً بل ستائر، وتغطي الجدران صور آل أوباما وشهادة والد باراك التي نالها بعد تخصصه في التاريخ في جامعة هارفرد (كان أول شخص أسود يذهب إلى هارفرد)، فضلاً عن ملصق كبير لباراك أوباما المرشح للرئاسة، فبدا لي هذا المشهد «مشهداً خيالياً في منطقة حفيدها».
لم تُبنَ الجدران بطريقة متقنة، وكانت تفتقر إلى الطلاء، وفي إحدى زوايا الغرفة أريكة تتحول إلى سرير، كانت من القدم بمكان حتى إنني شعرت أنها تتكسر تحت ثقل جسمي عندما وقفت فوقها لأنزل صوراً أردنا أن نأخذ لها لقطات عن قرب، وبما أنني نحيلة، أدركت أن سارة وعائلتها لم يستخدموا هذه الأريكة منذ زمن، كذلك لم تصل إلى هذا البيت الكهرباء.
سألتُ سارة إن كانت تملك صوراً إضافية للعائلة، فاختفت خلف الستار، ثم عادت حاملة معها ألبوم صور قديماً جداً، فتصفحناه مع العمة مرسات، عمة أوباما التي جاءت في ذلك اليوم من نيروبي لزيارة الجدة، عثرنا على صور أثرت فينا جميعاً، بينها صورة لباراك الصغير الممتلئ مع والده ووالدته، لاحظت أن والده أسود، أما والدته فبيضاء، وكلاهما فارق الحياة الآن، كانوا يتحلقون حول شجرة عيد الميلاد. بعد ذلك، وقع نظرنا على صورة لباراك الذي أتى لزيارة القرية برفقة ميشال، صديقته آنذاك، فقد احضرها باراك يومذاك ليحصل على بركة سارة قبل أن يطلب يدها، وجدنا أيضاً صورة لباراك وهو يجلس قرب المياه، كان هذا الطفل الممتلئ ينظر إلى الأسفل، كما لو أنه يتطلع إلى المستقبل بتصميم وعزم.
طلبت من سارة ومرسات أن تجلسا مع نيكولاس وسعيد، لذلك أحضرنا بعض الكراسي القديمة ووضعناها على العشب الأخضر بين الأبقار والدجاج، وطوال المقابلة، يظهر في الخلفية رجل يحلب إحدى الأبقار، ولا شك في أن هذا الإطار الذي صورنا فيه يختلف عن أي مقابلة أخرى.
دافني باراك: مرسات، ما صلة القرابة التي تجمعك بباراك؟
مرسات أوباما: أنا عمته أخت والده.
دافني باراك: نحن الآن في منزل سارة، وأعتقد أن هذه الأبقار والدجاجات تؤمّن لكم الحليب والبيض.
مرسات أوباما: هذا صحيح، نربي هذه الحيوانات لنسد حاجاتنا فقط، فكل مأكولاتنا طبيعية.
دافني باراك: لنتأمل في بعض الصور، أحمل الآن شهادة باراك أوباما الأب من «هارفرد» وإحدى الصور، تعتبر هذه مستندات تاريخية.
مرسات أوباما: نعم، إنه الشخص الأسود الوحيد، أو بالأحرى الأول الذي ذهب إلى هارفرد، لطالما اعتبرت عائلتي العلم أمراً مهماً.
دافني باراك: سارة، أود أن أشكرك على استقبالي في منزلك. من المثير بالتأكيد أن تكوني جدة أحد المرشحين الثلاثة النهائيين لرئاسة إحدى الدول العظمى، فهل تشعرين بالفخر؟ بالسعادة؟ بالإثارة؟
سارة أوباما: أنا مسرورة جداً. نعم، من المثير...
دافني باراك: سارة، هذه صورة مؤثرة لباراك عندما كان صغيراً مع والديه اللذين فارقا الحياة، متى توفيت والدته؟
مرسات/سارة أوباما: ماتت عام 1999.
دافني باراك: ممَ؟
مرسات/سارة أوباما: كانت مريضة...
دافني باراك: ما نوع مرضها؟
مرسات/سارة أوباما: لا نعرف بالتحديد، ربما ارتفاع ضغط الدم... كانت مريضة.
دافني باراك: سارة، هذه صورة لك مع باراك، أخبريني القليل عنها.
سارة أوباما: التقطت هذه الصورة سنة 1990، حين زرته في منزله في الولايات المتحدة.
دافني باراك: علمت أنكم فقدتم الاتصال مع باراك حتى ثمانينيات القرن العشرين. بعد ذلك، عادت المياه إلى مجاريها وصرتم تتواصلون وتتبادلون الزيارات، هل تذكرين متى كانت المرة الأولى التي عرفت فيها أن لديك حفيداً مثل باراك؟
سارة أوباما: عرفته عندما كان صغيراً. نعم، أتى إلى هنا لزيارتنا، وسافرت أنا لزيارته في الولايات المتحدة، كذلك سعيد ونيكولاس، علمت أنه يعيش في الولايات المتحدة، وكانت تصلني دوماً أخبار عن تقدمه.
دافني باراك: كيف كانت طباع باراك عندما كان صغيراً؟ هل كان جدياً؟ طموحاً؟ شقياً؟
سارة أوباما: كان يشبه والده كثيراً، فقد تميز بطموحه ووعيه، عشق والده العلم، وهذا ما ورثه باراك عنه.
دافني باراك: كل أفراد عائلتك مثقفون، أدرك أن هذا مهم جداً في نظركم، أليس كذلك؟
سارة أوباما: نعم، فقد أحب باراك الأب العلم، ورغب في أن يحصّل الجميع أكبر قدر ممكن من العلم.
دافني باراك: أرى من هذه الصورة (صورة باراك وميشال عندما أتيا لزيارة الجدة) أن باراك أحضر زوجته المستقبلية لينال بركتك قبل طلب يدها.
سارة أوباما: هذا صحيح، فقد التقيا في الجامعة، وأحضرها إلى هنا كي يعرفها إلينا، وأعطيته موافقتي على هذا الزواج.
دافني باراك: ماذا قلت؟
سارة أوباما: وافقت على زواجه بها.
دافني باراك: لمَ؟ هل أحببتها؟
سارة أوباما: كانا متحابين، أدركت كم أحبَ أحدهما الآخر.
دافني باراك: هل أطالا الإقامة هنا؟
سارة أوباما: أقاما هنا مدة أسبوع.
دافني باراك: هذه فترة طويلة! ماذا فعلا خلالها؟
مرسات أوباما: أذكر أنه أحضرها إلى هنا وقال إن هذه هي الفتاة التي يرغب في الزواج بها، فوافقنا جميعا... كانت ميشال فتاة ذكية.
دافني باراك: هل أحببتها؟
مرسات أوباما: لا بأس بها... نزلت في منزلنا.
دافني باراك: إذاً، ماذا فعلتم خلال ذلك الأسبوع؟
مرسات أوباما: جلسنا معاً واستمتعنا بوقتنا، اصطحبناهما إلى النهر، حدث ذلك في عام 1987.
دافني باراك: هل ما زلتم على اتصال بميشال؟
مرسات أوباما: نعم، ظللنا على اتصال بها عبر البريد الإلكتروني، لكنها الآن مشغولة جداً.
دافني باراك: هل حضرتِ حفل زفاف باراك؟
سارة أوباما: لا شك في أنني كنت من المدعوين، لكنني مرضت، فلم أستطع الذهاب.
دافني باراك: هل ذهبت أنت يا مرسات؟
مرسات أوباما: لم أذهب لأن الجدة كانت مريضة، كانت هذه مناسبة خاصة في نظرنا وخططنا لحضورها، لكننا لم نقدر.
دافني باراك: سارة، هل تتصلون دوماً بباراك هذه الأيام، مع العلم أنه كثير الانشغال بسبب حملته الانتخابية؟
سارة أوباما: نبقى على اتصال دائم معه، فهو غالباً ما يتصل بسعيد، وسعيد يخبرني عن أحواله.
مرسات أوباما: قلما أتصل أنا به، لكن سعيد ينقل إلينا آخر أخباره.
دافني باراك: في حال فوزه، فهل تحضرون حفل توليه الرئاسة؟
سارة/مرسات أوباما: نعم، لن نفوت هذا الحدث.
دافني باراك: يعتبر الجميع أن وصول باراك إلى المراحل النهائية من الانتخابات تغيير كبير، فما شعورك تجاه ذلك؟
سارة أوباما: أشعر بالفخر، وأتمنى له التوفيق.
دافني باراك: ولكن هل تعتبرينه تغييراً؟
سارة أوباما: ليس تغييراً حقيقياً... ربما هو تغيير بالنسبة إلينا، نحن عائلته، لأن واحداً منا سيصبح الرئيس في البيت الأبيض، سيجعلنا هذا الواقع نشعر بالفخر، لكنه لن يبدل حياتنا...
دافني باراك: أثيرت ضجة أخيراً بسبب صورة يظهر فيها باراك خلال إحدى زياراته إلى كينيا وهو يرتدي الزي التقليدي، توحي هذه الصورة أنه مسلم، أو بالأحرى مسلم يخفي حقيقة دينه، فهل يمكننا أن نوضح هذه النقطة بشكل نهائي؟
مرسات/سارة/نيكولاس: يقفز الجميع ويبادرون بالقول: لم تُلتقط هذه الصورة هنا، التقطت في كينيا لا هنا.
دافني باراك: أدرك ذلك... لكن الجدل قائم بشأن دينه.
سارة أوباما: لم يكن والده متديناً، لكن جده كان مسلماً، ولهذا السبب أطلق على ولده الاسم «باراك حسين أوباما».
دافني باراك: هل اتبع والده الدين الإسلامي؟
سارة أوباما: لا، لم يفعل، إنما جده كان مسلماً.
دافني باراك: ولكن هل طبّق والده، باراك الأب، الدين الإسلامي؟
سارة أوباما: لا، حتى إن زفاف باراك في شيكاغو كان زفافاً مسيحياً.
دافني باراك: هل تعرفون ما الدين الذي يعتنقه باراك اليوم؟ هل هو مسيحي؟ هل هو متدين؟
سارة أوباما: لا، أعلم فقط أن زفافه كان مسيحياً.
مرسات أوباما: لا أعلم إلى أي كنيسة ينتمي في شيكاغو، غير أن قرانه عقد في كنيسة.
دافني باراك: لا أقصد أن من الخطأ اعتناق الدين الإسلامي، ولكن هل أحد منكم مسلماً؟
مرسات أوباما: نعم، عائلة أوباما مسلمة، كان جدنا مسلماً، والجدة سارة مسلمة، العم سعيد مسلم، لكن السيناتور باراك مسيحي.
سارة أوباما: يمكن لأفراد العائلة الواحدة اعتناق ديانات مختلفة، نعم، والده كان مسلماً، سعيد مسلم وأنا أيضاً، لكن باراك ليس مسلماً.
دافني باراك: سارة، انظري إلى الكاميرا وأخبري الولايات المتحدة لمَ يجب أن تصوت لحفيدك ليصبح الرئيس المقبل؟
سارة أوباما: يجب أن تنتخب الولايات المتحدة حفيدي رئيساً، لأن الأميركيين رأوا مدى طيبته واستعداده...
دافني باراك: مرسات، هلا نظرت إلى الكاميرا وأخبرت الأميركيين لمَ يجب أن ينتخبوا ابن أخيك رئيساً مقبلاً للبلاد؟
مرسات أوباما: أحض الأميركيين على انتخاب باراك رئيسا مقبلا، لأنه في نظري الشخص الوحيد القادر على إحداث تغيير في حياة الشعب الأميركي.
دافني باراك: هلا نظرت مجدداً إلى الكاميرا، لمَ تعتقدين أنه الشخص الوحيد القادر على إحداث تغيير؟
مرسات أوباما: أرجوكم أيها الأميركيون، انتخبوا ابن أخي، لأنه الشخص الوحيد القادر على إحداث تغيير في حياة الشعب الأميركي، في حياة الشباب والجيل الصاعد، وأنا واثقة من أنه سيعمل بجد وينجح في تحقيق ذلك.
دافني باراك: مرسات، لنعد ذلك مرة بعد، «اللقطة الثالثة».
مرسات أوباما: أرجوكم أيها الأميركيون، انتخبوا ابن أخي، لأنه شخص مجتهد، يمكنه إحداث تغيير في حياة الشعب والاقتصاد الأميركيين، بإمكانه أن يحسن اقتصاد الولايات المتحدة.
دافني باراك: شكراً جزيلاً.
حياة الريف
بعد ذلك، سرنا جميعاً باتجاه الأبقار مبتعدين عن الدجاجات التي تتجول بحرية، كنت أنا وسارة نقترب من الأبقار، وتبين لي من إحدى اللقطات عن كثب أنه فضلاً عن البقرة التي كانت تُحلب طوال المقابلة، وجهت البقرتان الأخريان قرونهما نحوي، فأخبرتني الجدة «أنهما في الواقع ثوران لا بقرتان»، حاولت أن أختبئ وراء سارة، لكن الجدة الأولى المحتملة للولايات المتحدة بدت غير آبهة بهما، كانت تبتسم وتحضنني، رافضة أن تسمح لي بالابتعاد.
راحت سارة تخبرني أنها أحياناً تحلب الأبقار هي بنفسها، في حين كنت أحاول دفعها للابتعاد عن الثورين، وبعون الله، اتصل رئيس الوزراء العتيد رايلا أودينغا بنيكولاس وطلب أن يتحدث إلي على الفور، عرفنا عندئذٍ أننا لا نستطيع العودة إلى نيروبي، ما أثار جنوني «فلم ترق لي فكرة امضاء الليل مع الأبقار والثيران»، فأخبرني أودينغا بأن علينا التوجه حالاً إلى المطار، حيث تنتظرنا طائرتنا الخاصة، وسيبقي الأجواء مفتوحة ويحوّل الطائرة إلى مطار آخر كي يخرجنا من كيسومو.
فيما كنا نسرع بالرحيل، توقفنا قليلاً عند قبر باراك الأب الذي يرقد بالقرب من المنزل.
ودعنا سارة، بينما صعد العم والعمة إلى طائرتي الخاصة، كي يمضيا يوماً آخر معي في نيروبي، عندما عدنا، كان المرشح الرئاسي الأميركي باراك أوباما قد علم بأمر المقابلة، وكان من الطبيعي أن يتبادل هذا الرجل المرموق بعض الأحاديث المتوترة مع عائلته، فقد حاول من شيكاغو أن يعرف ماذا قال أفراد العائلة في كينيا، فبدا العم والعمة مستائين بعض الشيء أو حتى مجروحين، صحيح أنهما يريدانه أن يصبح رئيساً، لكنهما لا يحبان تلقي التعليمات من شيكاغو إلى كيسومو.
ومنذ ذلك الوقت فصاعداً، لم يعد بإمكان أي صحافي إجراء مقابلة معهم ما لم يحصل على موافقة باراك أوباما الخطية. نعم، لقد تبدلت حياتهم الآن، سواء أرادوا ذلك أو رفضوه، وسواء أصبح باراك رئيس الولايات المتحدة أو أخفق في تحقيق هدفه.