كشفت نوال السامرائي وزيرة الدولة لشؤون المرأة بالعراق إن سنوات من الحرب تركت العديد من العراقيات أرامل يائسات تجهلن القراءة والكتابة ونتيجة لوضعهن المتدهور أصبحن فرصة يمكن للمتشددين استغلالها.
وقالت إن هناك أكثر من 1.5 مليون مطلقة ومليوني أرملة ونحو أربعة ملايين إمرأة تجهلن القراءة والكتابة. وكثيرا ما تعاني المطلقات والأرامل اللائي كن يعتمدن من قبل على دخل أزواجهن.
وكان النظام الدكتاتوري السابق يوفر للمرأة ضمانات حقوقية لم تعد متاحة، وتمت إزالة الأمية بشكل كامل تقريبا منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي، وإزيلت الكثير من مظاهر التمييز بين المرأة والرجل في التوظيف، وكان عدد الخريجات الجامعيات في عهده حسين يساوي تقريبا عدد الخريجين الذكور.
وحذرت السامرائي من "كارثة" إذا لم يجر بذل المزيد لضمان حقوق النساء التي تقلصت أيضا نتيجة لتزايد الأصولية والطائفية اللتين حرمتا العراقيات من الحريات التي كن تتمتعن بها ذات يوم.
وتابعت السامرائي في مقابلة نشرت الإثنين "واقع مترد ينذر بكارثة إن لم نستدرك الأمر ونحاول إيجاد منافذ للمرأة المحاصرة من كل الجهات.. إن لم نثقف المجتمع بشكل سريع".
وتحدثت قبل ساعات من تفجير مهاجمة إنتحارية نفسها مما أسفر عن سقوط 22 قتيلا شمالي بغداد.
ويقول مراقبون ان ظاهرة النساء الإنتحاريات ناجمة بالدرجة الرئيسية من واقع ان الكثير من العراقيات فقدن أزواجهن وأطفالهن خلال سنوات الحرب ويميلن الى الإنتقام من الإحتلال والمليشيات الطائفية التي تقود السلطة.
وكانت هناك أكثر من عشرين مهاجمة انتحارية العام الحالي، وهو أمر قالت السامرائي إنه يسلط الضوء على يأس النساء مما يجعلهن عرضة لاستغلال المتشددين لهن.
ويعترف خبراء عسكريون ان قوات الإحتلال التي تدعم المليشيات التابعة للأحزاب الطائفية الحاكمة تدير "فرق موت" شنت الآلاف من عمليات الإغتيال السرية ضد المناهضين للوضع الجديد، الأمر الذي سمح بتحسين الأوضاع الأمنية في بغداد.
وخاضت مليشيات السلطة سلسلة عمليات قتل جماعي على الهوية أدت الى مقتل عشرات الآلاف من الشبان لمجرد انهم ينتمون الى السنة. ولكن هذه الظاهرة تركت وراءها مئات الآلاف من الأخوات والزوجات والامهات اللواتي يغلب عليهن الأسى والمرارة واليأس.
وبينما تفضل وسائل الإعلام الحكومية القول انهن يقعن في قبضة المتشددين و"القاعدة"، فغالبا ما يتم تجاهل انهن فقدن أسرهن في أعمال القتل التي شنتها مليشيات الحكومة او الإحتلال.
ونالت النساء، في ظل النظام الدكتاتوري السابق، حقوقهن بدرجة كبيرة في الثمانينات بشكل كان بالامكان مقارنته مع الغرب. ومنذ ذلك الوقت أدت الحرب والعقوبات إلى بقاء العديد من النساء داخل منازلهن. وأدى الغزو بقيادة الولايات المتحدة إلى تراجع حاد في حقوق النساء في ظل النظام الديمقراطي الجديد.
وفي اعتراف غير مقصود بالواقع، قالت السامرائي "تعاني المرأة (اليوم) من التهميش والاقصاء ومن الاضطهاد... هي تعتبر شيئا ثانويا في الأسرة".
وقالت أنها على علم بحالة واحدة في محافظة ديالى باعت فيها الأسرة ابنتها من أجل المال لكي تصبح مهاجمة انتحارية. ولكن الوزيرة لم تقدم تفاصيل في هذا الصدد. ولكنها اقرت انه "في حالات أخرى قد تكون النساء ترغبن في الثأر بعد رؤية أفراد في عائلاتهن يقتلن أو بعد تعرضهن هن أنفسهن لهجمات".
وأضافت السامرائي "المرأة التي تشن هجوما انتحاريا، هي إما يائسة أو مجبرة من قبل الزوج أو الأهل... تباع وتشترى وليس لديها رأي".
ويقول الجيش الأميركي إن متشددي القاعدة يستخدمون الانتحاريات إذ قد لا يرصدن من رجال الشرطة الذين لا يرغبون في تفتيش النساء. وقالت فتاة، 15 عاما، زُعم انها "سلمت نفسها" قبل أن تشن هجوما انتحاريا الشهر الماضي إن أقارب لها ربما قمن بتخديرها. ولكن الجيش الأميركي لم يوضح كيف سلمت نفسها تحت تأثير المخدر.
وقالت السامرائي إن هؤلاء يجب معاملتهن بتعاطف ووضعهن في مراكز إعادة تأهيل. وتابعت أن إضافة إلى هذه المراكز يجب أن تؤسس منشآت لتدريب النساء ومنازل آمنة، وتوعية المجتمع بأكمله بحقوق النساء.
وتهدف الحكومة إلى البدء في حملة تستمر خمسة أعوام في شتى أنحاء البلاد العام المقبل للقضاء على الأمية.
وقالت السامرائي "الحل لن يكون بين ليلة وضحاها لكننا يجب أن نبدأ... ليس لدينا خيار آخر. كان المفروض ان نبدأ قبل الآن... نحتاج إلى عشر سنوات على الأقل لنصل إلى تغير واقع المرأة العراقية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق