الاثنين، فبراير 25

ستيفن سبيلبرغ، صاحب الحس الإنساني المزيف


شوفيني متنكر كمحسن كريم
بقلم ستفن غوين
ترجمة وتقديم إبراهيم علوش
مقدمة المترجم: يعتبر ستيفن سبيلبرغ أغنى وأقوى رجل في صناعة الأفلام الأمريكية اليوم. وهو مخرج ومنتج وكاتب نص هوليوودي معروف، وقد نال أكثر من فيلم له جوائز عدة، وعلى رأسها فيلم "لائحة شندلر" الذي يعتبر أهم فيلم يروج للمِخرقة اليهودية.
وستيفن سبيلبرغ، فضلاً عن كونه من أعمدة اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة، وواجهة ذلك اللوبي الأساسية في هوليود، هو أيضاً جزءٌ من الطبقة الحاكمة الأمريكية بملياراته الثلاثة فقط لا غير، حسب قدرت مجلة فوربز ثروته عام 2007.
وقد انسحب سبيلبرغ رسمياً كمستشار فني للألعاب الاولمبية في بكين عام 2008 ساعياً لإحراج حكومة الصين، بعد عملية ابتزاز إعلامية استمرت فترة، حول علاقتها مع الحكومة السودانية والموقف في دارفور. وقد هدد سبيلبرغ مراراً بالانسحاب قبلها إن لم تقم الصين بالضغط على حكومة السودان لإنهاء مأساة دارفور، وأثارت وسائل الإعلام الغربية الكثير من الضوضاء حول الغبار الإعلامي الذي أثاره سبيلبرغ حول قضية دارفور وقتها.
وهذا، إن كان يدل على شيء، فعلى دور اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة، بالأخص في تفجير قضية دارفور في الساحتين الأمريكية والدولية، وفي وسائل الإعلام العالمية.
ويأتي مقال الكاتب اليساري الكندي ستيفن غوين أدناه رداً على موقف سبيلبرغ، وكشفاً لنفاقه في تبنيه لقضية دارفور. وقد نشر مقال الناشط السياسي والكاتب الصحفي ستيفن غوين في مجلة كاونتر بنش اليسارية في 16/2/2008. ونقوم بترجمة ونشر تلك المقالة أدناه، بموافقة المؤلف، (ولكن بدون مراجعها) كجزء من عملية كشف اللثام عن الدور السياسي العالمي الذي تضطلع به هوليوود وأعلامها الكبار مثل ستيفن سبيلبرغ.
والشوفينية التي يتهم بها غوين سبيلبرغ مصطلح سياسي يعني التعصب القومي، بالأخص للدول الإمبريالية التي تشن الحروب الخارجية. والشوفيني بالتالي، في الغرب، هو المتعصب قومياً للدول الإمبريالية. وستفن غوين كاتب المقالة التي تنتقد سبيلبرغ، يفعل ذلك من منظور يساري محض يركز على دور سبيلبرغ كجزء من المؤسسة الحاكمة الأمريكية، فينتقده كشوفيني أمريكي فقط، دون التطرق لدوره في اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة. ومن هنا، يعترف ستفن غوين كالكثير من اليساريين، كما تبين من الحوار الجانبي معه، بالمِخرقة اليهودية المزعومة، سوى أنه ينتقد "طريقة استغلالها"، وكأن القصة المفبركة للمِخرقة يمكن فصلها عن طريقة استغلالها، كما جسدها سبيلبرغ في فيلمه "لائحة شندلر"!!! وبغض النظر عن هذه النقطة الخلافية، فإن نقد غوين لسبيلبرغ يكشف الكثير من نفاق الأخير حول دارفور، ونفاق المؤسسة الحاكمة الأمريكية واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ومن هنا تنبع أهميته - المترجم
مقالة ستفن غوين "ستيفن سبيلبرغ، صاحب الحس الإنساني المزيف":
انسحب المخرج الهوليوودي ستيفن سبيلبرغ كمستشار فني للألعاب الأولمبية في بكين في 2008 احتجاجاً على عدم قيام الصين بممارسة الضغوط على السودان لإيقاف الحرب في دارفور.
وتطور الصين حقول النفط في المنطقة المتنازع عليها في السودان، ولذا يريد سبيلبرغ من بكين أن تستخدم نفوذها لإيقاف التمرد في غرب البلاد، محاججاً بأن "الحكومة السودانية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية" عن الكارثة الإنسانية في دارفور. ويلوم سبيلبرغ الصين لتقاعسها عن "القيام بالمزيد لإيقاف المعاناة الإنسانية هنا".
ويضيف سبيلبرغ بأن "علاقات الصين الاقتصادية والعسكرية والديبلوماسية مع حكومة السودان تستمر بمنحها الفرصة، والواجب، للضغط من أجل التغيير".
ولكن بينما يريد سبيلبرغ من الصين أن تستخدم تأثيرها على الخرطوم، فإنه لم يصدر أي بيانات، حسبما نعرف، يطالب فيها واشنطن بممارسة تأثيرها لإيقاف كارثتين إنسانيتين أعظم في الصومال والعراق يمكن ننسب كليهما بشكل مباشر لممارسات حكومة بلاده (الولايات المتحدة)، وبالتالي يفترض أن يكون إنهاءهما في مقدور حكومة الولايات المتحدة.
أما قدرة الصين على إنهاء نزاع دارفور، فأمر أقل يقيناً بكثير.
فثلاث من المجموعات الخمسة المتمردة التي تقاتل القوات السودانية في دارفور غير مستعدة للتفاوض حول السلام، حسب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى دارفور، يان إلياسون. وهذا الأمر يجعل من العسير على الخرطوم، ناهيك عن الصين، أن تنهي النزاع، إلا إذا كان المقصود بإنهاء النزاع استسلام الخرطوم وتسليم دارفور وأصولها النفطية للمتمردين ومؤيديهم الغربيين. وهذا، بالطبع، سوف يناسب المخططين الاستراتيجيين في وزارة الخارجية الأمريكية تماماً، ناهيك عن صناعة النفط في الولايات المتحدة.
بالمقابل، فإن إنهاء الكارثتين الإنسانيتين الأعظم في الصومال (وتعتبر الصومال، بمهجريها ال850 ألفاً، كارثة أفريقيا الأعظم والأكثر تعرضاً للتجاهل)، والعراق (أربعة ملايين لاجئ ومئات آلاف القتلى كنتيجة للغزو العسكري الأمريكي)، هو مباشرة ضمن إمكانيات واشنطن.
فالولايات المتحدة عليها ببساطة أن تأمر أثيوبيا، التي وجهتها لغزو الصومال بشكل غير قانوني في كانون أول / ديسمبر 2006، لكي تنسحب من البلاد. فإن تقاعست إثيوبيا، فإن قطع التدفق الغزير للمساعدة العسكرية الذي يُكافأ به نظام مليس، سيحقق الضغط المطلوب.
أما بالنسبة لمأساة العراق، فلا يمكن أن يكون هناك فعل أفضل من الانسحاب الفوري للقوات الأجنبية. وليس من داعٍ لأن يسبب هكذا انسحاب خوفاً من تفجير حرب أهلية واسعة النطاق. فأبحاث وزارة الدفاع الأمريكية تظهر أن العراقيين ينسبون التوترات الطائفية للوجود العسكري الأمريكي ويتمنون بحماسة رؤية الأمريكيين يغادرون. فإن تلت مثل ذلك الانسحاب حرباً أهلية، فإنها يصعب أن تكون أسوأ من المعاناة التي تسببها الولايات المتحدة للعراق على شكل أرواح مزهقة وأجساد مشوهة وأمراض متفشية وجوعٍ وتشردٍ أكبر بكثير من مأساة دارفور.
فإذا كانت علاقات الصين مع حكومة السودان تعطيها فرصة وواجب الضغط من أجل التغيير، أفلا يعطي بروز سبيلبرغ، ومنزلته كمواطن أمريكي، نفس فرصة وواجب الضغط من أجل التغيير حيث تخلق حكومته معاناة إنسانية أكبر؟!
وقد قال سبيلبرغ في خريف عام 2002 (قبل الغزو – المترجم) بأنه "لا يستطيع دعم" إدارة الرئيس بوش في العراق. واليوم، ها هو يحاول إحراج الصين بسبب السودان، وهو بلد أخر غني بالنفط تسعى واشنطن لتغيير نظامه. وبالنسبة لسبيلبرغ، فإن الكارثتين الإنسانيتين المصنوعتين أمريكياً في الصومال والعراق من الأفضل تجاهلهما على ما يبدو. فهل تلك مواقف شخص ذو حسٍ إنساني، أم أنها مواقف شخص متعصب وشوفيني يتوقف إحساسه بمعاناة الغير على باب، لا بل حسبما يخدم، مصالح الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة؟

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

تحياتى
مقال رائع واستاذنك فى النشر برابطك