الاثنين، ديسمبر 17

وصفة مرضيَّة فِي إعرابِ السِّياسَةِ وتعريبِ الأعرابِ

الحكَّةُ في اليد من أعْراضِ داء الكتابة وقاكم الله من شرِّها وحفظ ألبابكم من عَبثِهَا ، فإنها تجلب لصاحبها النِّقم وتحْرمهُ الكثيرَ من النِّعم ، فقد يجرفه تيَّار البلاغةِ الى ماوراء الظُّلمات فيهلك أو يُتهم بالمروق الديني والعصيان المدني فيُنبذ أو ينتهي به المقام في جُزر الوقواق فلا يُعرف له قرار.

ولِتجنُّبِ داءِ الكتابة ، يجب على العاقل إتِّباعُ التعليمات الحمائية والإرشادات الوقائية بالانغماس في الهمِّ المعيشيِّ وتشمل وصفة قتلِ الضَّمير ووأدِ المُروءَةِ ماهو آت:

أولا تجرُّع شرابِ الحمدِ والقناعةِ على الرِّيق صباحا، ثانيا حقنُ محلولِ الجبن مخلوطا بالنكسة عند الظهيرة، ثالثا تناولُ حبَّة النسيان قبل جماع الزوجة ليلا ، وبين الفينة والأخرى يُرجى استعمال البخَّاخِ الحكوميّ لإسترجاع الأنفاس التائهة بين وحل العملةِ الخضراء وأكذوبةِ الغدِ الحالمِ المشرق الوضّاح.

وإياكم والقراءة فإنَّها مفسدةٌ لمُضْغة القلبِ ومَضْيعة لكنزالوقتِ وانتهاكٌ لحرمة الكرامة. فالقراءةُ لاتليق بمنزلة ذكور القبيلة لأنها تحمل في مؤخرتها تاء التأنيث وقد تفسد أخلاقَ إناثِ العشيرة كونها تاء مربوطة مُدوّرَة راقصة مَاجنة.

وحذارِ من كافِ التشبيه فرغم نحولةِ جسمها وضآلة حجْمِها فإنَّها من حروف الجرِّ القادرة على سحب البعير وكسر عظام الكثير والدنيا بخير طالما فيها حمير.

و الفاعل مرفوع ومنزَّهٌ عن ارتكابِ المعاصي سواءٌ كان معلوما أو مجهولا ولايجوز بأي حال من الأحوالِ تجريمُه أو مقاضاته في المحاكم العليا . ويُحذف الفاعل أحيانا خوفا من ذكره أما نائبه فيكون تارةً ظاهراً وتارة مستتراً وتارة أصلعَ الرأس وتارةً يأتي بعد إسمٍ منسوبٍ كما في المثال التالي : أعِراقيٌّ نَفطُكَ؟

أما المفعول به فعربيٌّ مخصيٌّ مغلوبٌ على أمره وقع عليه فِعلُ الحَجْر منذ مهْدِ التاريخ، ونُصِبَ داخل وطنه العربيّ بالهراوة الظاهرة آثارها على خاصرتيه وبالتَّجاعيد المُغتصبةِ لمحيَّاه أما خارجه فبالكِمامةِ الملتفَّةِ حول فمه وبمضاجعة عاهرةٍ لقبُها الليبرالية وعنوانها الضياع.

ومازالوا يفعلون به جميع أفعال السوء في أزمنة الماضي والمضارع والمستقبل والأمر وفي السراء وحين الضَّراء وعند الإنتخابات، بل إن أحد الفاعلين قرَّر مؤخرا أن يدخل به فراش الزوجية أو اللواط بعقدٍ باطل إسمه متعة الحرية أما الصداق فبُني علىالنفط مقابل البول.

أما المستثنى وإن كان من الأسماء المنصوبة فإنه أُسْتُثنِي من حُكم مَاقبلهُ، لأنه من وجهاء القبيلة وأصحاب الذوات والبطون المُمتلئة وعملاء القبائل الأعجمية ، والبَطِنُ عند الأعراب من لايهمه سوى همُّ بطنه فهو يغدو بطانا ويروح بطانا خلافا للطيور الشعبية التي بدأت نهارها خماصا ثم عادت مصابة بإنفلوانزا الإستبداد. وكذلك البطنة عند آل الجزيرة قد أتلفت فطنتهم.

والمنادى هي السماء علَّ قلبها الحنون يرقُّ يوما فتذرف فضة وذهبا عوض الدموع، لكنها مازالت تنتظر أوامر ربها : "إنْ يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا" . لعمْري أيتها السَّماء لا خير فينا ولاصلاح.

وسُمِّيت الحال بهذا الإسم لأنها تُبيِّن هيئة العرب قبل طرد سوأة آخر عربيٍّ من جنة الأندلس قبل ستة قرون ونيف من الزمان . فمنذ ذلك العهد والعربيُّ متيَّمٌ بالرثاء ومولع بشعر الخنساء وعاشقٌ لخصر النساء ومدمنٌ على البكاء.

أما ليلى الظمآى للأحضان فقد أجبرتها شهوتها على الخروج من موقع خارطة الإعراب فتمردت على طاعة ذكور القبيلة لإفتقادهم للعدل و للوفاء وللرجولة ولمكارم الأخلاق وفضلت بيعَ الهوى لتاجر أمريكيّ ومعاشرة المساحيق الباريسية ولباس الخيط الداخلي والرقص على إيقاع الطَّبلة المصنوعة في إسرائيل.

وتاه قيس فِي قيظ الفلاة بعيدا عن هذا الخضم الإعرابي والأعرابي على حد السواء. وحده قيس يرفض الخضوع لمنظومة الإعراب والتطبيع والموالاة والمواراة والمداراة.

ليتها عقارب الساعة تعكس وجهتها فيعود الزمان بقيس إلى الجاهلية ، للإرتواء من واحات البيداء والتَّطيب برمال الصحراء ووصال النيَّات العذراء، فإن حال عرب اليوم لأسوأ من الجاهلية .


بقلم: فؤاد وجاني

16 مارس، 2006



ليست هناك تعليقات: