على ايقاع الحرب على عروس الشرق نكتب هذه الكلمات بخط اليد بينما آخرون في الجنوب اللبناني يكتبونها بمداد من دم. وقد سبق لنا أن ذكرنا في مقالات سابقة حول العراق بأن ماهو آت لأعظم . وسيسجل التاريخ مرة أخرى هزيمة العرب في عقر دارهم وقد استبيحت مقدساتهم وحرماتهم وأراضيهم. زوبعة أخرى سيجنيها العرب الذين كانوا ومالبثوا يزرعون الريح ويحصدون العواصف.
قد يتوقف المرء لحظة ليسأل نفسه: من هو العدو الحقيقي؟ أين تكمن المشكلة؟ أين المصير؟ وماهو الحل ؟
فجأة، يتحول كل عربي مسلما كان أم مسيحيا الى قومي ونضالي ينشد أسطوانة الجهاد والمقاومة ضد اسرائيل والقوى الموالية لها سواء الغربية أو الحكومية.ترتفع حناجر الشعوب مرة أخرى وكأنها تغني وترقص لعزف اسرائيل على وتر المدافع والصواريخ. تلكم هي الشعوب العربية التي تغط في السبات العميق حتى يأتيها إنذار الساعة الإسرائيلية لتنهض وتهلل ثم سرعان ماتعود لأحضان مخدة الخيبة بعد عودة اسرائيل الى رشدها .
حكومة أولمرت المراهقة أثبتت كمثيلاتها السابقة بأنها مقياس الضغط للشعوب العربية. فكلما طال شخير العرب وكادت السكتة القلبية أن تلم بهم كلما انزعجت اسرائيل التي لابد لها من عدو يدغدغها حتى تضمن استمراريتها وبقاءها.
إن عمر الدولة بمثابة عمر الشخص الواحد . وقد حدد العلماء العمر البيولوجي للإنسان في مائة وعشرين سنة. وحدده ابن خلدون قبل قرون في أربعة أجيال أو مائة وعشرين حولا باستثناء ماحدث في عهد نوح وبعض أقوام عاد وثمود نتيجة تغيرات وأوضاع فلكية معينة.
عمر الدول والأمصار لايتجاوز مائة وعشرين سنة إذن ، تنتقل خلالها عبر ثلاث مراحل او أربعة أجيال، كل جيل فيها لايتعدى الأربعين سنة : مرحلة التأسيس (طور الوحشية والبداوة والشظف ) كما يشهد القرآن على ذلك في قوله تعالى: "حتى إذ ا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة". ثم تأتي مرحلة الحضارة (جيل الترف والخصب) ثم مرحلة الهرم (جيل الإستكانة والهوان) والآية 53 من سورة الروم تؤكد هذه النظرية حول المراحل الثلاث في تطور الدولة: "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة ، يخلق مايشاء وهو العليم القدير". أما الجيل الرابع فيشهد انقراض الدولة والحسب كما جاء في القرآن الكريم "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون".
الحرب المقبلة سوف تكون حضارية . البقاء فيها لن يكون للأقوى فحسب بل لمن يمتلك أمرين متلازمين: المعرفة واليقين. المعرفة الشاملة ضرورية لتشكيل الذات القادرة على اختيار الوسائل الناجعة في الصمود والمواجهة . واليقين أسمى مراتب الإيمان بالقضية. و مع كل الأسف، فإن العرب والمسلمين لايمتلكون أيا منهما.
الشعوب العظمى تبني نفسها على قواعد وأسس متينة بشكل تدرجي قد يتطلب سنوات عدة . السؤال المطروح : ماذا زرع العرب والمسلمون كي يحصدوا الثمار ؟ وكيف لهم أن يطالبوا بالنتائج دون الأخذ بالأسباب ؟
المعاناة التي تشهدها البلدان العربية اليوم ماهي الا حصاد عمل الأمس في عالم لامكان فيه للشعوب النائمة. تلك الشعوب التي صفقت لصدام بحرارة أيام العز والسلطان ولعنته أيام الذل والهوان ستفعل نفس الشيء أمام حسن نصر الله وكل من يحذو حذوه لأنها شعوب تروضت على كرسي المشاهدة . شعوب متقلبة الأطوار لاتملك نهجا واضح المعالم . عرب تجمعهم اسرائيل تارة وتفرقهم أخرى .... يوم يتغلب العرب على عدو من أنفسهم يومها فقط سوف يمكنهم التغلب عما سواهم.... وسنكررها مرة أخرى فإن ماآت لأعظم.
بقلم: فؤاد وجاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق